تُعد سلطنة عُمان واحدة من الدول الساحرة والمثيرة للاهتمام من بين دول مجلس التعاون الخليجي وشبه الجزيرة العربية، تتميز عمان بتاريخها العريق وحضارتها الغنية التي تندرج تحت مجموعة من القيم والتقاليد والتراث والثقافة والابداع والابتكار، وعلى الرغم من تطورها السريع في العقود الأخيرة، إلا أن عمان تحتفظ بروحها التقليدية وموروثها الثقافي بكل فخر واعتزاز، وتشهد الحكومة العمانية جهوداً كبيرة في تعزيز هذا التوازن بين الأصالة والحداثة من خلال تعزيز مبادئ الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة، إلى جانب تطوير الصادرات غير النفطية واللامركزية لتحقيق التنمية المستدامة. وفي هذا المقال، نستعرض بشئ من التفصيل مفهوم عُمان بين الأصالة والحداثة من خلال التراث، الثقافة، التقاليد، الابداع، الابتكار، وسبل تحقيق التطور المستدام من خلال الذكاء الاصطناعي، اللامركزية، والصادرات غير النفطية.


Blog Image
  • تتميز عُمان بتنوعها الثقافي الغني وحضارتها الطويلة التي تعود إلى العصور القديمة. إن تقاليد السلطنة وطقوسها وفنونها التراثية تُعبر عن حب الشعب العماني لتاريخه وهويته الوطنية، ويحرص العمانيون على الاحتفاظ بالتراث والثقافة والتقاليد من خلال الاحتفالات والمهرجانات والفعاليات المحلية الرائعة التي تجسد جمال الثقافة العُمانية، وتُعتبر القبائل العُمانية واحدة من أهم عناصر التراث والثقافة في السلطنة، حيث تتميز كل قبيلة بتراث فريد يتضمن الملابس التقليدية والموسيقى والطقوس الدينية. ويتميز تراث العمانيين أيضاً بالعديد من الحرف التقليدية مثل النسيج والخزف والنقش على الخشب وصناعة السفلجة. ولا تقتصر التقاليد والثقافة في عمان فقط على الفن والحرف اليدوية، بل تمتد أيضاً إلى المسكن وأسلوب الحياة والعادات اليومية. فالضيافة العمانية واحدة من أبرز العادات التي تميز الثقافة العمانية، حيث يحرص العمانيون على تقديم الضيافة الكريمة للضيوف وتشجيع التواصل والتفاهم بين الأفراد والمجتمع.

  • رغم الحفاظ على التقاليد والثقافة، إلا أن عمان تشهد تطوراً ملحوظاً في مجال الابداع والابتكار حيث تسعى حكومة عُمان إلى تعزيز روح ريادة الأعمال والابتكار من خلال دعم المبادرات والمشاريع الريادية وتوفير الأفق للشباب العماني للتفكير خارج الصندوق وتطوير حلول مبتكرة للتحديات الحديثة وتتمثل مبادرات الابتكار في عُمان في العديد من المجالات مثل التكنولوجيا، والصناعة، والزراعة، والسياحة، والتعليم. ويُعد تطبيق الذكاء الاصطناعي وتقنيات البيانات الضخمة واحداً من أبرز المسارات التي تعمل عمان على تطويرها لتعزيز القدرات الابتكارية والتكنولوجية في مختلف القطاعات.

  • تُعد عمان واحدة من الدول التي تولي اهتماماً كبيراً بتطبيقات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة في مختلف جوانب الحياة اليومية، فحكومة عمان تدرك أهمية الاستفادة من التقنيات الحديثة لتحسين الخدمات الحكومية وزيادة الكفاءة والإنتاجية في القطاع الخاص وتقدم حكومة عُمان إعانات ودعماً للشركات والرواد والباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة لتحفيز الابتكار وتطوير الحلول الذكية التي من شأنها دعم التنمية المستدامة للسلطنة.

  • تعتمد عمان على سياسة اللامركزية وتنويع الاقتصاد، ففي إطار سعيها الحثيث والمستمر تُقلص السلطنة اعتمادها على القطاع النفطي، وتسعى إلى توسيع قاعدة صادراتها وتعزيز القطاعات الأخرى مثل السياحة، والصناعة، والزراعة، والتكنولوجيا. ويتمتع الاقتصاد العماني بموارد طبيعية هائلة تتيح له الفرصة لتنويع الصادرات وزيادة الدخل الوطني المستقل عن النفط. وبفضل الاستثمارات الحكومية الكبيرة في مجالات التصدير غير النفطية، يمكن لسلطنة عمان تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة وتعزيز التعاون الدولي والتبادل التجاري. وبات من الواضح أن سلطنة عمان تمثل نموذجاً مثالياً للتوازن بين الأصالة والحداثة في العالم العربي. فهي تحترم موروثها الثقافي وتعتز بتراثها التاريخي، بينما تسعى جاهدة نحو التطور والابتكار والاستخدام الامن لتكنولوجيا المعلومات ومسارات التقانة المتوازنة وتطويع الذكاء الاصطناعي في نسخة أخلاقية منقطعة النظير. ويؤكد هذا الاتجاه المتوازن ما اقتبسناه من مقولة جلالة السلطان هيثم حفظه الله حيث قال: "لطالما أكدنا على أهمية العلم والمعرفة، وضرورة متابعة مستجداتهما بكافة السبل المتاحة بذهن متقد على أساس من التدبر والتجربة، لأخذ الصالح المفيد، وترك ما لا طائل من ورائه، بل إننا نسعى إلى تحفيز الهمم للإضافة الجيدة في هذ المجال، فمهما اجتهد المجتهدون يبقى ما وصلوا إليه شيئًا يسيرًا أمام بحر العلم الواسع..."

  • أصدر المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في سلطنة عمان تقريرًا في أغسطس 2023 يتناول الوضع الاقتصادي في السلطنة خلال النصف الأول من عام 2023. وقد أظهر التقرير أن الاقتصاد العماني شهد نموًا بالأسعار الثابتة بنسبة 2.1 بالمائة خلال هذه الفترة، مدفوعًا بنمو القطاعات غير النفطية، والتي ساهمت بنحو 80 بالمائة من إجمالي النمو.

  • ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنسبة 12.2 بالمائة خلال النصف الأول من عام 2023، مدفوعًا بارتفاع أسعار النفط الخام. ارتفعت قيمة الصادرات النفطية بنسبة 18.2 بالمائة خلال هذه الفترة، بينما ارتفعت قيمة الصادرات غير النفطية بنسبة 10.6 بالمائة. ارتفعت قيمة الواردات بنسبة 16.4 بالمائة خلال النصف الأول من عام 2023، مدفوعة بارتفاع أسعار السلع المستوردة. انخفض معدل البطالة في السلطنة إلى 2.2 بالمائة في يونيو 2023، من 2.4 بالمائة في مايو من النفس العام.

  • المصادر: • المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، سلطنة عمان، أغسطس 2023. • صندوق النقد الدولي، تقرير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يوليو 2023.